عرض المقال
الأزهر بين ياسمين «الطهطاوى» وصبار «قطب»
2013-10-21 الأثنين
كل من شاهد مظاهرات طلاب الأزهر سأل سؤالاً مكرراً ملحاً: هل هذا هو الأزهر الذى عرفناه وراهننا على وسطيته؟ هل أصبح الأزهر منارة علوم الدين ومنبع الوسطية مفرخة للإرهابيين وقطاع الطرق؟ هل أزهر محمد عبده و«شلتوت» و«الصعيدى» أُسدل عليه الستار لصالح عمر عبدالرحمن وجماعته؟ هل هذا هو الأزهر الذى تجتمع لجنة الخمسين الآن لمنحه سلطة ولاية الفقيه ليتحكم فى كل شاردة وواردة فيما يتعلق بالشئون الإسلامية، هذه العبارة المطاطة التى ستكون بوابة العبور الملكى لكل رقابة مسبقة ومصادرة لاحقة تحت اسم أنا المسئول والمسيطر وصاحب التوكيل الوحيد للشئون الإسلامية؟! ماذا حدث للأزهر حتى يُخرج طلاباً، أقلية كانوا أو أغلبية، بهذا الشكل المزرى الفاضح من الهستيريا والعنف وبذاءة التصرفات وفحش القول، سواء بالكتابة على الجدران أو الهتاف ضد شيخهم الجليل أو أساتذتهم ومعلميهم وتعمد قطع الطرق والتعدى على المارة والتنكيد على الناس وتنفيذ مخطط تنظيم الخونة لإسقاط الوطن؟
أسئلة كانت ولا بد أن تجول بخاطر كل من شاهد هؤلاء أو قاسى وعانى المر من مظاهراتهم الفوضوية المخربة التى تجاوزت حد التظاهر إلى آفاق الإجرام والإرهاب والترويع، السؤال الأخطر: من أفرز هؤلاء؟ وما الذى جعل طالب الأزهر قدوته ليست شيخه «الطيب» ولكنها داعية قناة الحافظ وخطيب رابعة؟ ما الذى جعله يستبدل صفوت حجازى و«الحوينى» بسعد هلالى ومحمود عاشور؟! للأسف الأزهر يتحمل جزءا كبيرا من المسئولية بمناهجه المليئة بالحشو والأفكار التى تجاوزها الزمن وفتاوى وفقه التحريض على الآخر، سواء كان مسيحيا أو امرأة أو معارضاً، الأزهر يتحمل بانصراف أساتذته عن طلابهم والتعامل مع مهنة التدريس على أنها «سبوبة» والتخلى عن قدسية مهمتهم وجلالها وهيبتها، الأزهر مسئول ببطئه وتقاعسه عن مهمته فى نشر الفكر الوسطى المستنير من خلال منبر معاصر فضائى فعال ومؤثر أو موقع إلكترونى متطور يستطيع مخاطبة هذا الجيل بلغته ومفرداته، الأزهر مسئول بانشغاله بالحرب حول مواد وهمية فى الدستور تكرس من سيطرته الرقابية وليس بالحرب من أجل تنقية المناهج والأفكار والعقول من اللغو والتحنيط والتعليب والجمود والتزمت والحرفية، هل سنسلم عقولنا ووجداننا لمثل هؤلاء الذين سيتخرجون بعد سنوات قليلة دعاة فى الجوامع ومشكلى عقول طلبة فى المدارس بل وأطباء وصيادلة ومهندسين؟ إنها كارثة لن ينصلح معها حال وطن يصبو ويتطلع إلى التغيير واللحاق بركب الحضارة، مأساة أن يتسرب عبر مسام المجتمع هذا السيانيد الفكرى الذى سيشنج ملامحنا ويصلب عقولنا وييبس وجداننا فنتصحر عقلياً ونفسياً ويصيبنا الجدب والقحط، الأزهر الذى كان يزهر «ياسميناً طهطاوياً» صار يزهر «صباراً قطبياً»!! ما زال المجتمع يفرك عينيه مندهشاً.. هل هذا هو الأزهر حقاً؟!